نجحت شركة كندية في استنساخ الطبيعة من خلال إنتاج خيوط العنكبوت الحريرية، وهي مادة تبلغ قوتها ومتانتها خمسة أضعاف متانة وقوة الفولاذ، إذا ما قورنت وزنا بوزن.
ويقول رئيس شركة نكسيا للتكنولوجيا الحيوية الدكتور جفري تيرنر، في تصريح لـ بي بي سي أونلاين، إن المادة المنتجة لها ملمس الحرير الذي تنتجه دودة القز، ولها مرونة وقوة مذهلة.
يشار إلى أن العناكب تنتج خيوطها الحريرية بشكل طبيعي من بروتين ممزوج بالماء تخرجها من فتحة صغيرة جدا من أبدانها لتشرع في نسجها كما هو حال الخيط العادي.
وقد استنبت علماء الشركة الكندية مورثات العنكبوت في خلايا حيوان ثديي بهدف الحصول على نسختهم الخاصة بخيط العنكبوت، حتى أصبحت الشركة تمتلك ماعزا معدلا وراثيا ينتج البروتين نفسه في حليبها.
اهتمام عسكري
ويعرف عن خيط العنكبوت أن له مواصفات ممتازة في تصنيع مواد مهمة مثل الدروع التي تحمي الأجسام، والخيوط الجراحية، وحتى خيوط شباك صيد السمك وخيط الصنّارة.
لكن المشكلة التي تواجه القطاع الصناعي تتمثل في إيجاد طريقة لإنتاج هذه المادة بكميات صناعية مجدية.
وقد سبق للجيش الأمريكي أن أعرب عن اهتمامه بالموضوع منذ الستينيات، بعد أن تعرض آلاف الجنود الأمريكيين إلى الموت بفعل الطلقات النارية ذات الفعالية النافذة القادرة على تحقيق اختراق شديد في الجسم، والتي تعرف في بعض الجيوش العربية بالرصاص الحارق الخارق.
ولم يكن بالإمكان حماية جسد الجندي منها إلا بارتداء دروع ثقيلة الوزن معيقة للحركة، وقد وجد الجيش الأمريكي أن خيوط العنكبوت هي المادة المثالية لانتاج درع واق خفيف الوزن وفعال جدا.
ويقول الدكتور تيرنر إن الناس بدءوا يتساءلون عن إمكانية إنتاج المادة البروتينية تماما كما يتم مع دودة القز لانتاج الحرير "لكن المشكلة هي أن العناكب من الحشرات التي يصعب السيطرة عليها وأقلمتها على الاستزراع، وهي حشرات فردية وعدوانية".
ويضيف هذا الاخصائي أنه "عندما تضع عشرة آلاف منها في حجرة واحدة، ستجد بعد فترة أن واحدا قبيحا قويا منها هو الذي يبقي ويموت الكل من شدة المنافسة والصراع فيما بينها".
اخفاقات سابقة
وقد تحقق هذا النجاح في مشروع خيوط العنكبوت بتعاون الشركة مع الجيش الأمريكي ودائرة الدفاع الوطني الكندية.
يذكر أن العلماء حاولوا منذ أعوام عدة جمع مورثات، أو جينات، العنكبوت مع مكونات حيوية مناسبة لحفزها على إنتاج تلك الخيوط الثمينة.
لكن الدكتور تيرنر يقول إن الشركات عجزت عن تحقيق أي نجاحات تذكر بعد مزج المورثات بالخمائر تارة والبكتيريا تارة أخرى، وانتهت إلى انتاج خيوط لا يمكن نسجها وليست قوية بما فيه الكفاية.
لكن العلماء في شركة نكسيا تمكنوا أخيرا، وبمساعدة خلايا مختبرية مأخوذة من أبقار وفئران، من انتاج الخيوط المطلوبة، وهو ما علق عليه الدكتور تيرنر بالقول إن التجربة أثبتت أن بالإمكان تقليد الطبيعة وانتاج مواد مصنعة بيولوجيا.